هذا هو الخيار الثالث، يا خلفي.



المعارضة الحزبية تشتكي إلى الملك من بنكيران! المعارضة النقابية تشتكي إلى منظمة العمل من بنكيران! ورئيس الحكومة يتشكى إلى العالم عبر قناة الجزيرة... بأنه لا يحكم؟
سيقول المحللّون أن هذا السّلوك عبث في عبث، أو مسرحية يلعب الممثلون فيها أدوارهم برداءة، ويقولون صبيانية سياسية...
لا أظن أن الفاعلين السياسيين والنقابيين قد وصلوا إلى هذا الحد من الانتهازية والبلادة السياسية. إنهم بكل بساطة خائفون من الحل الوحيد الذي هو « الشارع »، خائفون من تحمل تبعات ذلك، خائفون من أن تتجاوزهم الأحداث ويتلقّف غيرهم المبادرة، خائفون أن تظهر سوآتهم بعد رفع الغطاء.
اقرأوا لمصطفى الخلفي الناطق باسم الحكومة وهو يقول : «لا وجود لإصلاحات بدون ضغط المواطن»، لكنه يوجه ضغط المواطن إلى الفيسبوك فقط لكي يتجنب ضغط « الشارع ».
واقرأوا للنقابات تهدد بالاحتجاج والاستنكار ثم تقاطع فاتح ماي، وتقاطع شهر ماي، و"كل ما من شأنه" أن يسخن « الشارع »...
هل « الشارع » فوضى؟ أكيد لا، والدليل أن المغاربة يتذكرون أن حراك أبنائهم منذ فبراير 2011 ظل سلميا رغم استفزازات المخزن وأدواته...
ثلاث خيارات مقررة، وواحدة منها فقط ستمسك بالقرار المجتمعي لتبحث عن التوازن الاجتماعي الذي يختل يوما عن يوم:
1-   استماتة الفاعل الحزبي والنقابي للحفاظ على منظومة الفساد والاستبداد لأنها في زعمهم ضمانة ضد النموذج المصري والسوري و....
2-   استماتة الفاعل المتحرك المنفتح المتعدد المتواصل بالشعب لتجميع جهوده في حركة اجتماعية تضغط سلميا للخروج من الإنحباس المهدد للسلم الاجتماعية...
3-   استيقاظ فاعل طوفاني انتظر طويلا حتى ملّ من عبثية الأول ومن انفراط عقد الثاني، فتلقّف الأمر وأدخل الجميع في المجهول.
تصوروا، ولو من باب التوهم، أن الخيار الثالث حصل فمن يتحمل المسؤولية في ذلك؟ من ضيع على المغرب فرصة للتحول إلى الحرية دون دموع ودماء وزلازل؟ من اختار الخيار الخطأ في الزمن الخطأ باسم كل المغاربة؟
قيل الكثير عن الثورة الفرنسية لسنة 1789، وقليل من يسمع بأن سبب الثورة ليس هو "فلسفة الأنوار" بل سببها الأصلي هو فشل الفلاسفة في التحول بشعب فرنسا إلى الحرية دون المرور على نهر الدماء.
فماذا نختار؟                   
اللهم لطفك بنا.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

خواطر على الهامش

التاريخ لا يعيد نفسه

الهجرة النبوية، بأي معنى؟