خواطر على الهامش

الاتحاد المغربي للشغل ينظم، يوم الأربعاء 18 فبراير 2015، ندوة وطنية بالدار البيضاء في سياق الحملة الدولية للدفاع عن حق الإضراب التي دعا إليها الاتحاد الدولي للنقابات.
الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تنظم في نفس اليوم فعالياتها بمدينة الرباط في إطار الحملة الدولية ذاتها ! سألت أحد القياديين في نقابة المخاريق، أظن اسمه الخفيفي، هل نشاطكم هذا يحضره أعضاء التنسيق الثلاثي؟ فأجابني بعنفوان : لا هذا نشاط ديال الاتحاد !!
فقلت في نفسي: لقد رجع التنسيق الثلاثي بخفي حنين. ألم يكن من الأجدى أن يكون موضوع الدفاع عن الحق في الإضراب جوهر التنسيق والتقارب بين الـك.د.ش والـإ.م.ش والـف.د.ش؟
دخل الأمين العام، الميلودي المخاريق، إلى قاعة الندوة بخطى القائد الملهم، ونهض النقابيون ليستقبلوه استقبال الأبطال، وتكلفت إحدى نقابيات قطاع النسيج بتسخين القاعة بشعارات حماسية قطعت معها برودة المكان وبرودة ساعة من الانتظار خارج البرنامج المسطر للندوة.
بدا الأمين العام متوترا، وغاضبا وغير مرتاح، فسحنته صادقة لا تخفي ما بداخله. وسيعبر عن ذلك عندما سينتهر أحد مناضلي نقابته لأنه يتكلم في الهاتف أثناء خطاب القائد.. الملهم. ربما سبب هذا المزاج المتوتر هو الرغبة في إعادة إنتاج الكاريزما النقابية. أو ربما رجل الاتحاد الأول غاضب لأن الحضور ليس بالعدد المنتظر، خاصة أنه برر قلة الحاضرين بكون الاتحاد يحتفل بنفس الموضوع في الاتحادات المحلية... ربما هذا أو ذاك، لا ندري.
عندما كان يتحدث جائتني رسالة على الهاتف تقول، تحت شعار "لا غالب ولا مغلوب" أصدقاء أمين والغامري والادريسي يرجعون للاتحاد المغربي للشغل تحت قيادة موخاريق. سألت من بجانبي عن صحة الخبر، فقال لي نعم صحيح. فقلت هذا سبب انزعاج الأمين العام الذي سيكون محرجا لو اعترض النقابيون على الصلح أمام الضيوف والإعلاميين.
خطابه كما العادة يقدس الذات ويقف فوق الجميع، تقريبا. الإتحاد متجدر في العمق العمالي فهو سيحتفل بالذكرى الستين.. ذهبَتْ حكومات وبقي الاتحاد شامخا.. الاتحاد له حلفاء، منهم أحد المثقفين الذي نال شرف عناق القائد، قبل دقائق من انتهار المناضل.. الاتحاد يرفض تقنين الإضراب لأنه قانون تكبيلي.. نقابة الباطرونا تحتاج لمناضلي الاتحاد ليعلموها أبجديات العمل التشريعي، لأنها قدمت قبل "أسابيع" ورقة بعنوان "مقترح" قانون تنظيمي لتقنين الإضراب..
الصواب أن ورقة الاتحاد العام لمقاولات المغرب تحمل تاريخ 28 فبراير 2013 (أي مر عليها سنتان تقريبا)، وهي تحت عنوان "دراسة مشروع قانون تنظيمي لممارسة حق الإضراب". ثم لا يعقل أن أطر اتحاد المقاولات لا يفرقون بين مسطرة "المقترح" و"المشروع" في التشريع، فهم "أذكياء" كفاية ليشتروا المُشرّع وليس مشروع أو مقترح قانون !  
بقية المداخلات جيدة، لكنها لم تجب عن أسئلة جوهرية :
- لماذا قبل الاتحاد بإدخال مبدأ "تجريم المس بحرية العمل، المفتوح على جميع التأويلات" في المادة 9 من مدونة الشغل؟
- لماذا قبل بالعقاب الزجري للنقابيين في المادة 12 من نفس المدونة؟
- لماذا قبل بإضافةِ خطئ جسيمٍ يفضي إلى الطرد بدون تعويض في المادة 39، اسمه "عرقلة سير المقاولة"؟
لماذا وقع الاتحاد مع جطو على اتفاق 30 أبريل 2003 الذي أعاد قطار مدونة الشغل إلى السكة بدون ضمانات أكيدة أن الدولة ستستجيب إلى أحد أهم بنود الاتفاق، القاضي بتعديل الفصل 288 من القانون الجنائي لكي لا يستعمل ضد النقابيين المضربين؟
هذه بعض الأسئلة الجوهرية التي تعطينا بعض الإضاءات عن الأسباب الحقيقية للتراجع الخطير لحق ممارسة الإضراب بالمغرب.
 

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

التاريخ لا يعيد نفسه

الهجرة النبوية، بأي معنى؟