Articles

Affichage des articles du février, 2021

أوراق من ساحات الحراك

Image
  مقدمات ما يزال الوقت مبكرا للكتابة التاريخية بخصوص "حركة" 20 فبراير ولا يستقيم ذلك، لكون الفاعلين المباشرين وغير المباشرين ما يزالون صامتين عن تقديم حقائقهم التي دفعتهم للعب أدوار معينة في الأحداث التي جرت في بداية العشرية الأخيرة، ولكون ارتدادات تلك المرحلة لم تستقر بعدُ على حال مستديمة وما تزال حمّالةٌ لمتغيراتٍ كامنة قد تقلب المخرجات الحالية رأسا على عقب. إن سرد الأحداث كما عاشها أصحابها هو تمرين بالغ الأهمية للأجيال القادمة لكي تتعرف على الحقيقة التاريخية التي حركت أو منعت الجيل الحالي من الحركة، لكنه تمرين يتوقف على مراعاة الاعتبارات الإشكالية التالية: 1.     الموضوعية لكن بمعنى آخر، وهي أن يتحرر السارد للوقائع من احتمالية تأثر علاقته الآنية أو المستقبلية بالفاعلين وإلا سيدفعه ذلك القيد إلى تضخيم بعض الوقائع أو إلى تجاهل بعضها الآخر حسب الوضعية المختارة سلفا. 2.     الشهادات الذاتية لفاعل واحد، على أهمية دوره في الوقائع، لا تكفي في المنهج التاريخي لأن خيوط تلك الوقائع ليست جميعها في متناول ذلك الفاعل ولو كان قريبا من ماكينة الفعل والممارسة الميدانية. وهذه الملاحظ

رجال في الطوفان (قصة قصيرة)

Image
داخل خزان كبير، مخصص لنقل المياه إلى ساكني الصحراء، وضع أبو الخيزران مجموعة من الناس الحالمين بالعمل خارج أرضهم المغتصَبة. لم يجبرهم على ذلك بل نزلوا إلى هوة الخزان بكامل رغبتهم ثم أقفل عليهم الفوهة بإحكام مبالغ فيه تحسبا لفضول زائد من جنود المراقبة الذين يحاربون تهريب المهاجرين "السريين" بين أقطارهم المُحتلة بكل علنية. طالت الرحلة الشاقة، على شاحنة متهالكة لأبي الخيزران، وسط صحراء يضرب لهيبها الخزان الحديدي بكل طاقة الشمس المتجددة وكأنها تحفزهم للاحتجاج على مقامهم البئيس. لكنهم صبروا وتحملوا كي لا ينكشف أمرهم فيصبحوا على حال كما إخوانهم في صحراء سورية المنكوبة. وصلت البضاعة لأرض الميعاد وفتح أبو الخيزران الخزان فوجدهم قد ماتوا جميعا داخله. لم يشفق لحالهم لأنه لا يعرف أصولهم، ولم يغضب لحاله لأنه أخذ الثمن قبل انطلاق رحلة الموت. ولم يكلف نفسه تنظيف الخزان من الداخل بسبب رائحة اللحم البشري المشوي على حديد صدئ، بل أفرغ الماء بداخله حتى امتلأ الخزان ثم باعه لأهل البلد وهو يعلم أنهم لن يشعروا بآثار إخوانهم الموتى على أعتاب كسرة خبز حافي. لكنه مع ذلك تساءل مع نفسه، وقال أبو الخيزرا

أبغض الحلال إلى العمال: النقابة!

Image
من أساسات العمل النقابي، التي يتعرّف عليها المتأمل الحصيف، أن تكون النقابةُ حركةً يقظةً اتجاه كل ما من شأنه أن يغتصب حقوق الذين تُمثلهم. واليقظة تعنى تظافر ثلاث شروط ضرورية : الوعي الفكري : هو ”دِرع الحماية“ لصالح المنظمة النقابية، وهو يعني قوة الإدراك لأبعاد المسألة الاجتماعية تربويا واقتصاديا وسياسيا وقانونيا. القوة الاقتراحية : هي ”أرض المعركة“ التي تقف عليها كل منظمة نقابية، تحترم مناضليها والذين تمثلهم، هي التي تُمَكّن من إيجاد حلول لمشاكلهم المستعصية. طبعا لا يمكن لمن ليس له من الوعي والممارسة باعٌ، ولمن لمبادئه باعَ، إلا أن يكون قوة انبطاحية لا أكثر. الإرادة النضالية : هي ”السلاح المشروع“ الذي تمتلكه النقابة للدفاع عن مقاربتها الاجتماعية وقوتها الاقتراحية وعن حقوق الذين تمثلهم. الارادة النضالية هي القوة والإصرار الدائم على المقاومة والاقتحام. هي التعبئة الاستراتيجية والتهديد التكتيكي بالإضراب ثم تنظيمه إن اقتضى الحال ذلك. تقول باطرونا العمال : ”أبغض الحلال إلى النقابات: الإضراب“. ذهبت النضالات وتحول أبغض الحلال إلى العمال: النقابات !   إذن هي ثلاثة شروط وجودية تُشكل ال