امرأة القرن، لماذا؟

صحّحوني إن أخطأت، فإني لم أجد في أوراق تاريخ المغرب خلال مائة عام الأخيرة، سيرة امرأة أعلن ضدها الحكم حربا شعواء على مرأى من الأمة. نعم هنالك مُجاهدات، مناصرات لقضايا المغرب، شهيدات في معركة تحرير المغرب (التي لم تكتمل بعد)، ... تقبل الله أعمالهن في الصالحات. 
 وجدتُ فقط نموذجا واحدا لامرأة قالت أمام الدنيا: هذا النظام لا أريده.[1] وظلت شامخة بقناعتها غير المُقنّعة رغم المحاكمات، رغم "غزوات" تشويه السمعة التي بها أراد عنترهم قتل السيدة معنويا، ورغم "حروب" المخابرات البليدة التي استعملت فيها كل الأسلحة المحرمة أخلاقيا، فكانت النتيجة أن كفى الله أَمَتَه وصانها ثم بعد حين عاقبهم بجزاءٍ من جنس جريرتهم.
قال الناطق باسم الحكومة آنذاك: "هناك تصريحات تخالف عمق ما تؤمن به الأمة المغربية ولذلك من الطبيعي أن تكون هناك مساءلة من خلال النيابة العامة لكل الأطراف المشاركة". وأمهل القدر هذا "الشيوعي" ستة سنوات ليرى بأم عينيه آلاف الشباب والنساء والرجال يصرحون في الشارع العام بنفس تصريح ندية ياسين: "هذا النظام لا نريده".. ومرة أخرى سينطق صديقه في الحزب الشيوعي الناطق باسم الحكومة أن الملك استمع لصوت الشعب.


 وتبين بعد 20 فبراير 2011 أن هناك أمة عميقة تخالف إيمان المنتفعين من هذا النظام، وجب مساءلتهم من خلال النيابة العمومية والشعبية. وهم يعملون جاهدين لإرجاع هيبة المخزن وإرجاع عقارب الزمن إلى ما قبل يونيو 2005 تاريخ تصريح السيدة ندية ياسين التي ظلت منذ ذلك التاريخ مطمئنة لقضاء الله وقدره ولم تبرح فرحها بالله. كيف؟
إليكم هذا الخبر، الذي أسمح لنفسي بتسريبه من داخل المقاطعة الأمنية بالرباط شالّة، حيث اعتقلتُ يوم 10 دجنبر من سنة 2001 فوجدتُ الأسرة الكريمة[2] قد اعتقلت بأكملها في نفس المقاطعة "الأمنية".
ونحن ندخل الواحد تلو الآخر على المحقق، بدأ أخي إدريس جاية ينقر على الكرسي ويشدو بصوته العذب أمام مكتب المحقّق، فحاول أحد الإخوة ثنيه عن ذلك بحجة أننا تركنا إخوة لنا وأخوات في الخارج مُكسّري الأطراف وكثير منهم شُجّت رؤوسهم بسبب بشاعة الضرب منذ صباح اليوم العالمي لحقوق الإنسان !، هنا ستقف السيدة الندية وتقول للأخ المستنكر برحمةٍ معجونة بالحكمة: دعه يشدو فإنه لا يُريد سوى التعبير عن فرحه بالله.                  



[1]  التصريح على هذا العنوان: http://www.aljamaa.net/ar/document/2569.shtml
[2]  شملت الاعتقالات في هذا اليوم زوجة الأخ المرشد وأبناءه وأصهاره. وقد تم تقديمهم إلى المحاكمة.

Commentaires

  1. ناهيك عن جهادها وهي لا تزال شابة حين اختطف والدها رحمة الله عليه وزج به في غياباس السجن .لم تنكسر شوكتها بل زادتها المحن (النح الربانية) صلابة وتباثا على الموقف حفظ الله آل ياسين

    RépondreSupprimer

Enregistrer un commentaire

Posts les plus consultés de ce blog

خواطر على الهامش

التاريخ لا يعيد نفسه

الهجرة النبوية، بأي معنى؟