نقطة الانكسار



Point de rupture

معنى العنوان يظهر باختصار على الصورة، حيث هبّت رياح قوية على الأبراج الكهربائية، الرابطة بين المغرب واسبانيا، فانكسرت. لماذا؟ لأن سرعة الرياح تعدّت القيمة المحددة لمقاومة البرج. لذلك سيأخذ المُصنع بالحسبان سرعة الرياح الجديدة عندما يريد تغيير مقاومة الأبراج.
لنفس المعنى تُوظَف حكومة بنكيران، كيف؟
يجب أن نعترف أن المشهد السياسي قد دخله بعد 2011 فاعلون جددا لم يكونوا في السابق ضمن السبيكة التقليدية، لذلك يحتاج المخزن إلى التعرف على النقطة الجديدة للانكسار الاجتماعي. إزاء ذلك تُدفع الحكومة إلى صدم الرأي العام بشحنات متصاعدة إلى أن يقع الانكسار المتحكم فيه، وإذا لم يتم احتواءه فابن كيران جاهز ليلعب دور الحجام المُعلق.
شواهد كثيرة في سلوك الحكومة ومعها المخزن تؤكد هذا المعنى، وفي تصريحات أبناء العدالة والتنمية، منهم السيد الريسوني الذي يحذر من تضرر «هيبة» المخزن بسبب موازين، ومنهم العثماني الذي «يخوف» المخزن برجوع 20 فبراير كلما اشتد الخناق على حكومة أخيه...، لكن أصدق تعبير للمعنى الذي نحن بصدده هو هذه الجملة التي صرح بها الوزير الخلفي للإعلام، فقال: «إصلاح التقاعد هو هديتنا للحكومات القادمة».. ! 
هذه الجملة تؤكد أن وزراء العدالة والتنمية أصبحوا مدركين لقواعد اللعبة التي جيء بهم ليلعبوها، وأصبحوا مقتنعين أن بقاءهم في الوزارات لِولاية جديدة رهين بإرادة المخزن الذي له من الوسائل ليعيدهم للصندوق ما يتجاوز قوتهم الانتخابية التي يستغلظون بها على أحزاب ماتت منذ عقود.
يتأول تصريح الخلفي كالتالي: إصلاح التقاعد، هذا البعبع الذي لم تجرؤ أية حكومة للسطو عليه نحن نقوم بذلك؛ تحرير أثمان المواد الأساسية؛ خوصصة ما تبقى من خدمات أساسية كالتعليم والصحة والماء والكهرباء؛ تجميد الأجور والتحملات الاجتماعية.... كل ذلك نقوم به ونضمن للحكم أن لا يقع أي انكسار اجتماعي... وإن استمرت ثقة الملك فينا فكل الملفات المتسخة نحن مستعدون لتبييضها.
مقتنعون هم أن قوتهم الانتخابية لن تتضرر كثيرا، بسبب توفر حزبهم على قاعدة «ملتزمة» من أبناء الحزب والحركة، وبسبب ضعف منافسيهم الذين استنفذوا اعتماداتهم منذ عقود فلم يبقى لهم لا قواعد ولا التزام، وبسبب قوة حجتهم أمام «الشعب المسكين» الذي يصدقهم عندما يقولون له : نحن لسنا سبب الأزمات الكبيرة التي تركتها المعارضة الحالية، نحن لا نسرق كما يسرقون، نحن لا نكذب كما يفعلون، نحن جئنا للإنقاذ ونحن نجتهد وحتى وإن أخطأنا فالله يعطينا أجرا واحدا، فكيف لا تعطونا أنتم أصواتكم؟
كل ذلك يخدم المخزن، كل ذلك يمد في عمر الاستبداد. لكن،
مشكلة المخزن أن خُدّامه الجدد مزغبين !  
ومشكلة إخوان بن كيران أنهم أصابوا أعلى ما في سفينة... تغرق !
ومشكلة الشعب، ونحن منهم، أننا بسكوتنا نساهم فقط في تضخيم قوة الانكسار.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

خواطر على الهامش

التاريخ لا يعيد نفسه

الهجرة النبوية، بأي معنى؟