زروال في الكفاح

مباشرة بعد الإعلان عن اسم محمد زروال في الأمانة الوطنية للاتحاد المغربي للشغل، يوم 12 ديسمبر 2010، قام "فدائيو زروال" برفعه على أكتافهم وهم يهتفون مِلأ أشداقهم "موخارق رْتاحْ رْتاحْ ... أو زروالْ في الكفاحْ" وظلوا على هذه الهستيريا حتى أمرتهم اللجنة التنظيمية بالرجوع لأماكنهم؛
كيف وصل زروال - على أكتاف الناس- لهذا المنصب الذي لم يكن يحلم به عندما جاء به الطركزي وسلمه مفاتيح الكوس، وبعدما قام المحجوب بن الصديق بطرد الراحل محمد عبد الرزاق رحمه الله؟ وما هي تعاريف الكفاح عند الأخ زروال الذي سيقوم به في مستقبل الأيام والشهور - طبعا إن أطال الله في عمره- وهو يحمل جميع أنواع النياشين التي تمكنه ليكون "مكافحا" من الطراز الوطني؛
العضوية في الأمانة الوطنية تجعل زروال يطل على 26 نقابة وطنية و54 اتحادا محليا وجهويا، وهي التي تشكل ما بقي من هياكل الاتحاد المنخورة بفعل الأنانية المستعلية والبيروقراطية المقيتة التي تشكل عاهات مستديمة وكوابح قوية لكل بناء اجتماعي أو سياسي يريد التوسع في الآفاق المجتمعية؛
لا يعرف مناضلو الاتحاد المغربي للشغل "عبد الكريم" زروال – هكذا جاء اسمه في كل البيانات الصحفية- ولا يعرفون تاريخه "النضالي"، ما يعرفه الاتحاديون ال1800 الذين حضروا للمؤتمر الوطني العاشر هو زروال رئيس الأعمال الاجتماعية للطاقة والتي طلوا على بعض خيراتها لما طرد لهم الرئيس أطر ومستخدمو المكتب من مراكز الاصطياف ودار الكهربائي لمدة أربعة أيام لكي يترك الفنادق للمؤتمرين الاتحاديين؛ ماذا لو عرفوا حقيقة زروال، هل سيمنون النفس بديمقراطية عمالية وبوحدة نقابية وبتضامن عمالي؟
الكل في المؤتمر العاشر كان يمني نفسه بنسيم الديمقراطية التي ستفوح على الاتحاد بعد رحيل المحجوب بن الصديق رحمه الله، الكل أجمع أن المؤتمر العاشر يعتبر محطة تاريخية للاتحاد – وكم أتمنى ذلك بكل صدق- لتكرس مبادئ الاتحاد: الاستقلالية، والديمقراطية والوحدة...؛
لكن أحدا لم يتساءل: هل تُبنى الديمقراطية بأيدي المستبدين؟ هل يكافح لأجل المحرومين من يستنزفهم يوميا؟ لا شك أن عناصر الجواب أمامكم من خلال الدرس التونسي العظيم. لكني أوضح أكثر لتتجلى الصورة أكثر؛
زروال الذي سيكافح في المستقبل في صفوف الأمانة الوطنية، هو نفس زروال الذي ظل يكافح بكل ما أوتي من بطش حتى تم طرد الأخ عادل الشايب من عمله في مركز الاصطياف بمراكش لأنه ارتكب جريرة كبرى: إنه أسس مكتبا نقابيا تابعا للإتحاد المغربي للشغل لكي يدافع عن مصالح المهضومة حقوقهم. يا لها من كبيرة لا تغتفر ! وبالمناسبة، فالمناضل عبد الحميد أمين – عضو الأمانة الوطنية إ م ش – على علم بالقضية لأن الأخ الشايب كان قد اتصل به لعل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تشفع له أمام ظلم زروال، لكن للأسف شيء من ذلك لم يقع؛
هو نفس زروال الذي اعترف - لي شخصيا- بأنه هو من أمر بتزوير انتخابات القنيطرة لكي يُبعِد من سماهم مروبلين أو قريبا من هذا الوصف؛
هو نفس زروال الذي طرد الكاتب العام في صيف 2009 ليأخذ مكانه بالقوة قبل المؤتمر الوطني للجامعة، طرده بطريقة مهينة استخف من خلالها بالنقابيين، واستخف بمؤتمرهم الثاني الذي اختير فيه كاتبهم العام المطرود، واستخف بكل هياكل جامعة الطاقة التي استنكرت؛ ثم سكتت؛ ثم تواطأت في آخر المطاف؛
هو نفس زروال الذي فبرك مكاتب نقابية في كل من فاس، تازة، وجدة، تطوان، سيدي قاسم، طنجة، روش نوار، المقر المركزي، مراكش وبني ملال... لكي يحاصر المناضلين الذين لم يتماشوا معه في عملية الانقلاب التاريخية؛
هذا غيظ من فيض الديمقراطية عند الأخ زروال. ديمقراطية !  أشك كثيرا أن يعترف أصلا بشيء اسمه الديمقراطية وذلك بالنظر لشحنة الرجل الفكرية، أوضح: في السنة ما قبل الماضية وفي جلسة، يشهد الله عليها كما يشهد شخصان لا زالا على قيد الحياة، سألت الأخ زروال لماذا لا يريد فتح الباب للكفاءات النسائية لتقوية لجنة المرأة العاملة؟ أجابني بقوله " أنا لو ذهبت زوجتي لاجتماع نقابي لطلقتها"؛
تلك إذن أجوبته الفعلية حول مبدأي الديمقراطية والجماهيرية، وإليكم أجوبته حول مبدآن آخران معتمدان في مركزيته النقابية وهما الوحدة والتضامن؛
قبيل فاتح ماي 2010 طلب الكاتب العام لنقابة الماء - الأخ أومالك - من زروال وهما ينتميان لنفس المركزية أن تشارك نقابة الكهرباء بوفد - ولو بتمثلية رمزية من الرباط - في احتفالات عيد العمال التي خصصتها نقابة الماء لموضوع الإدماج ضمن فعاليات المجلس الجهوي للاتحاد المغربي للشغل بالعاصمة السياسية. ماذا فعل زروال؟ رفض بالطبع؛
لم يكن هذا هو الهروب الأول للكاتب العام لجامعة الطاقة ، فقبل ذلك أرسل له الكاتب العام لجامعة الماء بمراسلة عبر الفاكس قصد عقد لقاء تشاوري بين المكتبان الجامعيان بخصوص ملف الإدماج. ماذا فعل ...؟ رفض بالطبع؛
في الأسابيع الأخيرة اتصل نفس الكاتب العام بزروال لكي ينسقوا في حركات احتجاجية ضد تراجع وزيرة الطاقة عن الصيغة التوافقية لمشروع الإدماج التي تقدمت بها ممثلة الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين. ما....؟ رفض وأغلق هاتفه بالطبع؛
بماذا تفسرون هذا الرفض المبدئي لزروال لكل تنسيق مع الجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب؟ ... أما أنا فلم أجد من تعليل لذلك سوى أن صاحبنا قد وقع مع الإدارة العامة على كل ما من شأنه أن يسهل عليها ملف الإدماج دون أن يأخذ مقابلا لصالح الشغيلة التي يمثلها... بل لم يصدر ولا بيان استنكار أو تهديد !
ماذا تريدون كأدلة أخرى لكي تكتشفوا معنى الكفاح في قاموس الجنرال زروال؟ هذه الأيام صادق مجلسه للأعمال الاجتماعية والتعاضدية على تحيين للمساطر والأثمان القارة والجزافية للخدمات التي يقدمها المجلس وتقدمها التعاضدية للعمال ولذويهم. فاكتشف العمال أخيرا المعنى الأول للكفاح الزروالي؛ تذكروا أيها الكهربائيون الأموال الطائلة التي صرفت وسرقت بسبب أولاد الحوات وأولاد الغاوي... يومها قيل لكم أن الكوس في حالة فائض مالي ! واليوم أي فيضان أصاب الكوس؟
قبل شهر من اليوم، اكتشف حاملو الشهادات الجامعية معنى ثاني للكفاح الزروالي، وللأسف حذرناهم كم من مرة أن يُعَولوا على أميين نقابيين كلفوا بالتواطؤ حول ملفهم العادل، ولقد انتبه الإخوة الجامعيون أخيرا، أتمنى أن لا يكون قد فات الأوان؛
هذه بعض معاني الكفاح التي يترجمها الجنرال زروال بعدما سكت الجميع على الاختلالات النقابية والأخلاقية التي قام بها بمعية مافيا تدور في فلك الأموال الاجتماعية لتسهل له الطريق إلى "الأمانة" الوطنية، ولقد تفوقت في ذلك وبامتياز، لكن هذه المجموعة هل تسهل له الطريق إلى البراءة الربانية يوم الحساب؟ هل كان زروال العبد الضعيف يفكر في مقدار المسؤولية الملقاة على كتفيه عندما كان فوق أكتاف الناس وهو في نشوة الفرح التي لا تضاهيها نشوة؟ هل يدرك هذا العبد أنه ميت، وأنه على الحساب معروض أمام من لا تخفى عليه خافية؟
اليوم أو في الغد سيتم إخماد شرارة انتفاضة الكهربائيين الذين بدؤوا يفتحون أعينهم على واقعهم البئيس، وعلى نقابهم الأبأس، فهل يا ترى بمقدور زروال وزبانيته إخماد ثورة المظلومين عندما ينكسر قيد الخوف والزور؟ وماذا أنتم فاعلون بعد غد عندما يبحث العمال المكلومون بظلمكم عن طرابلسيو الأعمال الاجتماعية؟
اللهم سلم سلم؛

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

خواطر على الهامش

التاريخ لا يعيد نفسه

الهجرة النبوية، بأي معنى؟