الجنرال زروال




ينتظر أطر المكتب الوطني للكهرباء هذه الأيام تعيينات جديدة في إطار الهيكلة الإستراتجية التي أعلن عنها المدير العام، المنتظرون ينتمون لفئة المهندسين وبعض الأطر العليا، قد يكون منها بعض حملة الشواهد العليا إن اقتنعت الموارد البشرية بأهمية وأحقية ومصداقية هذه الفئة التي "جرجرت" النقابة ملفها لمدة طويلة وكأنه ملف الحكم الذاتي، والحالة أنه ملف لا يحتاج لكل هذا التماطل من طرف شركاء اجتماعيين زعماً.
هذه بعض منتظرات الفئة المحظوظة داخل المكتب، أما الفئة الغالبة من المنهكين والمحقرين التي نسيت منذ عقود طعم شيء يسميه القانون "الحق في الترقية" فمنتظراتها أن تجود عليها أخلاقيات المدير العام بعدما قطعت كل الآمال في نقابتها غير المناضلة.
لكن ما لم يكن في الانتظار ولا في الحسبان أن تكافئ الإدارة رموز النقابة على تفانيها في "النضال" بتعيينات إدارية أقل ما يقال عنها أنها الضربة القاصمة لشيء إسمه الجامعة أو النضال أو المصداقية ...
فقد راجت أخبار" ولا دخان بدون نار" أن الإدارة بصدد تعيين كل من زروال لمنصب جنرال (وهو المنصب المماثل لمنصب مدير) والشهبوبي لمنصب سنيور (وهو بمثابة رئيس مصلحة) والبقية تأتي...  
أرجو أن لا يكون الخبر صحيحا، ليس لأنني أحسد من ذكرت أسمائهم فهم مساكين في حالة من الإفلاس لا يحسدون عليها، وهل شيء أكبر من إفلاس في المروئة والمصداقية والأمانة ؟
ما يخيف في الموضوع هو أن يفهم المناضلون الإشارة فيتسابقون إلى وُد الإدارة بقرابين العمال لنيل الرضا والرضوان (أستغفر الله) فيتحولوا من مناضلين إلى متنصلين إلى منبطحين وبعدها قل معي يا مستضعف: سلام على المرسلين.
لمذا تستكثرون على زروال الترقية التي هي من حقه؟ أليس هو عامل ككل العمال؟...؟ أسئلة كهذه ستجد من يقدمها لينافح عن الجنرال طمعا في منصب كابورال أو على الأقل دوزيام حلوف.
لا أتكلم عن زروال المستخدم، لكن أتكلم عن زروال رئيس تقسيمة الأعمال الاجتماعية، أتكلم عن زروال نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية لعمال الطاقة، أتكلم عن زروال مندوب العمال في اللجنة الرئيسة للمستخدمين، مسؤوليات خطيرة تعطي لصاحبها صلاحيات واسعة على المستوى النقابي والاجتماعي.
رجل بهذه المفاتيح تنعم عليه الإدارة بمنصب مدير أو جنرال في هذه الأيام العصيبة التي يراد للملفات الثقيلة أن تمر من عنق الزجاجة، لاشك أنه قدم خدمات "جليلة" يستحق أن يكافئ عليها بهذا السخاء وبهذه الشجاعة.
تحفيز ينعدم عندما يكون صاحب الحق حامل لشهادات عليا تصل إلى دكتوراه دولة في القانون أو الاقتصاد. كما ينعدم هذا التحفيز الشجاع عندما يتعلق الأمر بأطر حصلوا على الكفاءة والتجربة المهنية التي بها شيدوا قطاعا حيويا وحققوا طفرة نوعية على مستويات عدة، انتزعت اعتراف المدير العام في الملتقى الأول لأطر المكتب الوطني للكهرباء.
ألم يفتخر المدير العام بأن كهربة القرى المغربية حققت خطوات جبارة حيث شارفت على النهاية وهي التي لم تكن تتعدى 18 في المائة في سنة 1996؟ إنجاز عظيم ولاشك، جعل الحكومة السابقة تبني عليه حملتها الانتخابية للرجوع إلى البرلمان والوزارات المكيفة، أما من وقفوا في الحر والبرد، في الجبال والسهول والأوحال، لتحقيق هذا المشروع على أرض الواقع، من يكافئهم؟ من ينصفهم؟ هؤلاء الذين يستحقون التشجيع لكي لا تمتد أيديهم للمال الحرام.
استبشر المنتظرون بإصدار مذكرة المدير العام حول إحداث مناصب جديدة في إطار مقاربة جديدة يعين فيها المستخدمون الحاصلون على الكفاءة والتجربة المهنية تشهد بها لجنة مخصصة لاستقبال والحسم في الترشيحات، ووضع المدير العام معايير للاختيار تدور حول الكفاءة ومستوى التحكم وإتقان المهام المنوطة وتحقيق الأهداف المسطرة...
على ضوء هذه المعايير التي اشترطتها مذكرة المدير العام نتساءل عن الانجازات التي رشحت زروال لمنصب جنرال؟..
أهي لغة الخشب التي بدأ يتقنها منذ وقت قريب؟
أهي حصار المناضلين غير المتفقين مع تدبيره الاجتماعي؟
أهي التوقيع مع الطرف الإداري على مكاسب أهزل من الهزال؟
أهي تعليق الملف المطلبي لوقت قد لا يأتي؟
أهي تفتيت ممتلكات الكهربائيين لتسديد أخطاء الإدارات والزعامات السالفة؟
أهي إرجاع الممتلكات الاجتماعية والتعاضدية للكهربائيين إلى الحظيرة الإدارية؟
أهي في توجيه السفينة النقابية إلى مرفأ الإدارة بعدما سبقتها المؤسسات الاجتماعية في قوارب النجاة؟
أهي في حرق قارب اسمه "سيم كاس" لاستعماله كوقود لتسير السفينة في الاتجاه المرسوم؟
هذه بعض إنجازات السيد زروال، التي إن رضيت عنها الإدارة فلن ترضي بأي شكل من الأشكال 9000 عامل ينتظرون حقوقهم بعد تحصين مكاسبهم ، تحصينا يعتمد على الشراكة المتكافئة والنضال الصادق لا على الانبطاح والمناورات البائسة كما يحدث هذه الأيام مع منحة الكفاءة الفردية، إنها مسرحية باتت معروفة أيها السادة.
قد يكون خبر التعيينات مجرد افتراء، لكن الكل خاصة المتتبعون للأمر النقابي يشهد بإنجازات زروال سابقة الذكر التي إن أهلته إداريا لمنصب جنرال ستجعل منصبه النقابي إلى زوال.
لا يصلح لمنصب جنرال من لم تكن له إستراتيجية وبعد النظر، لهذا لن يستنكف زروال في إنكار الخبر، أو يتصنع الرفض تظاهرا بالعزة والزعامة النقابية خاصة وأن مؤتمر النقابة على الأبواب، وهو لمنصب الكاتب العام للنقابة أشد تطلعا.
أخي زروال؛
قد تصنع كل هذا لكنك حتما لن تتمكن من تصحيح الوضع إلا ببرهان، وأكبر برهان أن تستحيي من جبار السموات والأرض، أما إذا لم تستحي فاصنع ماشئت.
لا أنافقك عندما أقول لك "أخي"، فإني لم أفعل في هذا المقال سوى تطبيق سنة أمر بها رسولنا الكريم "انصر أخاك ظالما أو مظلوما" ووضح عليه الصلاة والسلام أن نصرة الظالم هي منعه عن ظلمه وغَيه.
في يوم من الأيام كنتَ مظلوما لَما طُرِدتَ من العمل ونصرك العمال بالمحمدية والقنيطرة وغامروا بمصيرهم من أجلك فجازيت المناضلين منهم بالإخشان. والآن بعدما تمكنت من كرسي المسؤولية وقررت السير في طريق من سبقوك ها أنت اليوم تجازي 9000 عامل ومن ورائهم 9000 أسرة بالسطو على مكاسبهم التاريخية والاستعداد الدائم لتصفية ما تبقى منها: النظام الأساسي، التقاعد، والترقية ... ألم تقل في أحد الاجتماعات أن أجرة العمال ليس بئيسة؟.
قد يُذَكِرُك أحدهم بأن النصيحة في الملأ فضيحة، معه الحق إن كان المنصوح رجل عادي أما إذا كان المنصوح متحملا لمسؤوليات خطيرة فإن السكوت أمام الملأ فضيحة.
بين الوضوح والانفضاح كما بين زروال والجنرال، فاختر ما تشاء، والسلام.

Commentaires

Posts les plus consultés de ce blog

خواطر على الهامش

التاريخ لا يعيد نفسه

الهجرة النبوية، بأي معنى؟